قضية الصحراء المغربية.. الملك محمد السادس يقفل ربع قرن بتحقيق أقوى "الاختراقات" الدبلوماسية
تحل يوم الثلاثاء 30 يوليوز 2024، الذكرى الـ25 لتولي الملك محمد السادس، عرش المملكة المغربية، ليُتم ربع قرن من الحكم، عرف المغرب خلاله العديد من الأحداث الكبرى في مختلف المجالات، وخاصة في المجال الدبلوماسي الذي حققت فيه الرباط، "اختراقات" كبيرة.
وفي أول خطاب للعرش كان قد ألقاه الملك محمد السادس للشعب المغربي، في 30 يوليوز 1999، أكد فيه الالتزام بإكمال "وحدتنا الترابية التي تشكل فيها قضية أقاليمنا الصحراوية القضية الوطنية المركزية"، ومنذ ذلك الحين، قطع المغرب أشواطا متقدمة في إنهاء هذا النزاع.
ويتجلى التقدم الذي أحرزه المغرب في قضية الصحراء، في "الاختراقات" الدبلوماسية العديدة التي جعلت صوت المغرب اليوم أقوى في هذا الملف، بالرغم من المجهودات الكبيرة التي تبذلها الجزائر لدعم جبهة البوليساريو الانفصالية.
الداخلة والعيون.. عاصمتان دبلوماسيتان
لم يكتف المغرب خلال ربع قرن من حكم الملك محمد السادس، في الدفاع عن الصحراء من العاصمة الرباط، أو في المحافل الدولية، بل قرر أن يجعل من أبرز مدينتين في المنطقة، عاصمتين دبلوماسيتين بامتياز، ويتعلق الأمر بكل من مدينتي العيون والداخلة.
وفي هذا السياق، نجح المغرب في إقناع أكثر من 20 دولة بالاعتراف بسيادته الكاملة على الصحراء وفتح تمثيليات دبلوماسية لها في المدينتين. وبالتالي، توجد اليوم أكثر من 20 قنصلية دولية موزعة على المدينتين، مع توقعات بارتفاع عدد التمثيليات في السنوات المقبلة.
كما جعل المغرب من العيون والداخلة مكانا لاحتضان العديد من الملتقيات والاجتماعات الدولية، آخرها كان عقد أشغال الدورة الثالثة للجنة المختلطة للتعاون بين المغرب وغينيا بيساو، بالتزامن مع أشغال أخرى مع دول مثل مالاوي والكوت ديفوار.
وتلعب هذه الأحداث، دورا دبلوماسيا مهما في التأكيد على سيادة المغرب على الصحراء، كما أن المشاركات الدولية تساهم أيضا في تأكيد اعترافها بانتماء الصحراء للمملكة المغربية.
أمريكا وأوروبا.. أقوى الاختراقات
بالرغم من النجاح الكبير الذي حققه المغرب في قضية الصحراء مع الدول العربية والإفريقية، ودفعها لافتتاح تمثيليات دبلوماسية لها في الصحراء، إلا أن أبرز الاختراقات الدبلوماسية الكبرى في هذه القضية، هي التي حدثت مع الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية.
ويأتي الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية الكاملة على الصحراء، كواحد من أقوى النجاحات الدبلوماسية في تاريخ هذا الملف، بالنظر إلى قوة ووزن واشنطن على المستوى الدولي، وما يُمكن أن يُخلف هذا الاعتراف من تداعيات دبلوماسية لصالح المملكة المغربية عالميا.
وجاء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، في دجنبر 2020 خلال إدارة ترامب، في إطار اتفاق ثلاثي جمع المغرب بالولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تضمن استئناف العلاقات المغربية الإسرائيل، وفي نفس الوقت تعترف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء.
وبعد سنتين من هذا الاختراق الدبلوماسي الضخم، جاء الدور على إسبانيا، التي أعلنت في مارس 2022، في رسالة بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بدعم مدريد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل واقعي وذو مصداقية، لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
كما نجح المغرب أيضا في دفع دول أوروبية أخرى، لتبني موقف مماثل لإسبانيا، ومن أبرزها ألمانيا، التي أعلنت دعمها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، كمقترح يحظى بالواقعية، وهو نفس الأمر للعديد من بلدان أوروبا الشرقية الأخرى.
وقد صرح ناصر بوريطة في الشهور القليلة الماضية، بأن "عشر دول أوروبية على الأقل أعربت بشكل واضح عن تقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي"، مشيرا إلى دول مثل البرتغال واللوكسمبورغ ورومانيا وقبرص وغيرها.
وتأتي هذه النجاحات مع اقتراب فرنسا عن إعلان موقف رسمي قوي لصالح المغرب في قضية الصحراء، وفق ما كشفته الجزائر في الأيام القليلة الماضية في بيانها الاستنكاري التي قالت فيه بأن باريس أعلمتها بعزمها دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي بصفة رسمية، وهو ما سيجعل الملك محمد السادس يُكمل ربع قرن من حكمه على نجاحات كبيرة في ملف الصحراء.
بداية الاختراق بأمريكا اللاتينية
وتزامنا مع النجاحات التي حققها، المغرب -ولازال-، في إفريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا، فإن الدبلوماسية المغربية لم تنس أمريكا اللاتينية التي كانت لعقود طويلة واحدة من أبرز المعاقل التي تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية، مثل كوبا وكولومبيا وفنزويلا.
وحسب العديد من التقارير، فإن المغرب، نجح في السنوات الأخيرة من تكثيف نشاطه في القارة اللاتينية، ودفع العديد من العواصم لإيقاف دعمها لجبهة البوليساريو، وشرع في بناء أواصر العلاقات الدبلوماسية حتى مع البلدان التي كانت معادة للوحدة الترابية للمملكة، مثل كوبا.
ونجح المغرب في دفع العديد من دول أمريكا اللاتينية لدعم مقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، من بينها دولة البيرو، إضافة إلى السلفادور، وهي نفس المواقف بالنسبة للبرازيل والأرجنتين، في حين تتجه الأوروغواي حسب عدد من التقارير إلى إيقاف مساندتها للبوليساريو.
ولازال أمام المغرب مجهود كبير للقيام به في أمريكا اللاتينية، حسب تقارير ودراسات دولية، إلا أنه يمضي قدما في مساعيه الدبلوماسية لتحقيق الأهداف المرجوة لصالح مغربية الصحراء.




